وطني معزوفة الزمن ومحراب العشق..   بقلم / دلال كمال راضي

الكتابة عن الوطن تشبه الكتابة عن الأم أو الأب فهي كتابة عن الانتماء والماضي والحاضر والمستقبل فكيف لشخص أن يكتب عن كل هذا، ويعبر عما يعتريه من مشاعر وهو مهما فعل سيظل قاصراً محصوراً في مدى حواسه، بينما الوطن يمتد على القلب أكثر مما يمتدُ على التراب، فالارتباط بالوطن ارتباط روحي لا ينفك عن ملازمة الإنسان حتى وإن كان مستقراً في غربته وأهله معه وكانت ظروف معيشته أفضل مما هي عليه في وطنه فلا مكان تطيب فيه الحياة  بالنسبة للإنسان إلا المكان الذي ولد فيه وترعرع عليه.

الوطن مصطلح لا يمكن اختزال معناه في تعريف محدد ولكنه معان شتى مبهمة وغامضة وجميلة لها مكانها في وجدان ابنائه، فلا تنحصر معانيه على جوانب مادية نلامسها فيه كترابه وهوائه ومائه ولا على سلوكيات ننعم بممارستها ونحن عليه ولكنه حالة وجدانية تنبع منا ولاء ومحبة ترتبط بالمكان بطريقة تشبه ارتباط الأبناء بالآباء والأمهات،، وعلى قدرمحبتنا وارتباطنا بالوطن يظل الشعور بالقصور والتقصير نحوه ملازما لنا طيلة العمر فمهما تفانينا في خدمة وطننا لن نفيه حقه مهما يكن لذلك نجد في العيد الوطني فرصة للوقوف إجلالا ومحبة لهذا الوطن فنحاول في هذا اليوم المجيد أن نترتل نبض قلوبنا تسابيح محبة وإخلاص وولاء نترنم بها في كل شبر من أرضه وتحت سمائه في بره وبحره وجوه فهذا الوطن على امتداده محراب عشق أبدي نعيشه بكل تفاصيله لوعة وشوقاً وسروراَ وسهراً وسفراً وأوبة وحياة وموتا .. فالوطن هو المهد وهو اللحد وهو موطئ القدم ومعزوفة الزمن ودرب العمر وحضن الحياة المفعم بالأمن والسلام والسكينة والوئام.

إن اليوم الوطني ذكرى سنوية تشعل في أرواحنا قناديل المحبة لترى بصائرنا دروب المجد الخالدة فنعانق التاريخ ونرافق صناع المجد وهم يخوضون ملاحم الوطن ويسطرون بعزمهم وعزيمتهم أنصع سطور التضحية والفداء والبذل والعطاء من أجل توحيد هذا الوطن أرضاً وإنسانا وليضم هذا التراب وطناً يليق بتاريخه وقداسته ينعم فيه ابناؤه بحياة العزة والأمن والخير. 

ومن هذا المنطلق يجب علينا جميعا أن نجعل اليوم الوطني يوما غير اعتيادي وألا يمر علينا مرور الكرام ومثل باقي الأيام فيجب علينا أن نحتفي به كل بطريقته وحسب قدراته وإمكاناته بحيث نجعل له بهجته ومكانته ونعزز في نفوس ابنائنا معنى الوطن وعمق ارتباطنا به فهو مشاعرنا المشتركة ومصيرنا المشترك وكل معاني الترابط والتلاحم والتآخي بين أبناء الوطن الواحد جيل بعد جيل حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

كل عام ووطننا العظيم بخير وسلام وتقدم وازدهار.

 

اترك تعليق

avatar
  Subscribe  
نبّهني عن